جواد، أو “أبو دانة” كما يحب أن يكنى، صديق لطيف، تجاذبت أطراف الحديث ذات يوم معه حول تعامل المطاعم مع العملاء وخاصة عندما يتعلق الأمر بردة الفعل تجاه شكوى العميل حول الخدمة أو المنتج السيئ، عندها تنهد وقال: في أحد الأيام طلبت من أحد مطاعم البيتزا ما أردته أن يكون عشاءً لزوجتي ولي، واستلمت الطلب وتوجهت للمنزل، فتفاجأت بأن العجين في الأعلى والباقي في الأسفل، أي أن البيتزا مقلوبة، فتقدمت بشكوى لنفس إدارة المطعم عبر أحد وسائل التواصل الاجتماعي ليطلبون مني تزويدهم بمجموعة من البيانات ليتم تعويضي عن العشاء المقلوب، العشاء الذي لم تتجاوز قيمته ٤٠ ريالًا طلب لأجله رقم الهوية الوطنية لجواد واسمه الثلاثي وتوقيت الطلب واسم مقدم الخدمة.. إلخ؛ لتصبح عملية التعويض مجرد اذلال للعميل -حسب قول صديقي- ما دعا صديقي إلى تجاهل تلك الطلبات وانتهى الأمر بالنسبة للمطعم، ولكنه لم ينتهِ بالنسبة لصديقي الذي اصبح ينقل شكواه كلما جذبته اطراف الحديث نحو موضوع مشابه، ومن المؤكد أن المطعم خسر أكثر ما وفره -بقصد أو بغير قصد- من عملية التعويض الغير مكتملة، وهذا ما دعاني لكتابة هذه التدوينة عن كيفية تعويض العملاء عن الخدمة الرديئة وكيف تحقق من عملية التعويض الفائدة المأمولة.
لدى الكثير ممن يعملون في مجال المطاعم والمقاهي وما شابهها اعتقاد سائد بأن اسهل طريقة لإسكات العميل الغاضب هي منحه وجبة مجانية وهي -بالنسبة لهم- طريقة ناجحة وتعمل بشكل جيد كل مرة، ولكن ما لم يستطع هؤلاء أن يتصوروه أن عميل اليوم أكثر وعيًا وأن هذه الفكرة “موضة انتهت”؛ إن العميل اليوم أذكى، اقدر، أسرع، أجسر، أقوى سلطة، يهمه الاحترام والتقدير، وقبل ذلك كله فهو يمتلك بدائل أكثر، ولذا فمن المنطقي معاملته بشكل لائق ليستفاد منه بشكل حقيقي، ومن ذلك أن تتوقف عن معاملته بهذه الطريقة -الغير لائقة-، على أن يتم تطويرها لفكرة أنجع، يحصل منها المشروع فائدة أكبر.
وقبل الحديث عن كيفية تعويض العميل.. لماذا عملية تعويض العميل مهمة لك كصاحب أو مدير للمشروع؟
عادة يميل العملاء في مجتمعاتنا لاختيار المقاطعة في حالة الخدمة السيئة ويفضلون هذا الخيار على مجرد التفكير بتقديم شكوى؛ وذلك لأسباب كثيرة، أهمها عدم الثقة بما سيتم اتخاذه تجاه هذه الشكوى؛ ولذا فإن العميل الذي يقوم بتقديم الشكوى هو عميل نادر، بل سلعة ثمينة يجدر بك كصاحب أو مدير للمشروع أن تستغلها أعظم استغلال؛ فهو يمكنك من رفع مستوى الجودة ويمنحك فرصة ذهبية لتدريب مباشري الخدمة -باعتبارها حالة عملية حقيقية- وغير ذلك من الفوائد المحصلة من هذا العميل الثمين.
إذًا.. كيف تعوض العميل عن الخدمة السيئة، أو ما هي الطريقة المثلى -من وجهة نظري- لتعويض العميل؟
في البداية يُفضّل أن يتم اطلاع العميل على أن ما حدث له هو مخالف لقواعد العمل والتعامل المحددة سلفًا، بل وابلاغه بما يفترض أنه قد حصل عليه وأنه نتيجة لعدم الالتزام بقواعد التعامل فقد حصل له ما حصل وبعد ذلك يجب أن يعرض عليه تكرار التجربة ولكن هذا التكرار ليس مجرد الحصول على وجبة مجانية لإسكات العميل، بل لتعزيز وتحسين تجربة هذا العميل وليشارك كمقيم للخدمة، وكملاحظ ومدقق للجودة، جودة المنتج وجودة الخدمة المباشرة من العاملين، وهذه المشاركة فرصة ثمينة للمشروع؛ فهو يحصل من خلالها على تقييم مباشر، ويتعرف أكثر على ممثل لفئة من العملاء وطبيعة ونمط تفكيره وتوجهاته، ما يقوي علاقات المشروع بأحد أهم عناصر وجوده واستمراريته وهو وجود العملاء الذين سيقومون بالشراء منه، ولذلك استطيع الجزم بأن أي مشروع يحقق علاقات طيبة مع العملاء ويكسب ولاءهم يمكنه أن يتجاوز العديد من العقبات لأنه يفهم ما هو مطلوب منه بالضبط، ولذا فهو سيواكب التغيرات هذا إن لم يسبقها.
هيا.. كن المبادر وعلق الجرس !
كن أول من يرفض شراء سكوت العميل بوجبة مجانية فلا فائدة تذكر في ذلك.
هـ1439-08-13