بل سأحكم على الكتاب من عنوانه!

قياسي

تشير الدراسات إلى أن أبناء المدن يلتقون -في المتوسط- بثلاثة أشخاص جدد يوميًا، أي أن الإنسان يلتقي سنويًا بأكثر من 1000 شخص جديد، بإجمالي 80000 شخص في حياته. جدير بالذكر أن هذه الدراسات تحفل بشكل أساسي باللقاء المباشر لا ذلك الذي يتم عبر الوسائل الافتراضية كشبكات التواصل الاجتماعي وهي التي بدورها تفتح المجال للإنسان لمقابلة مئات الآلاف إن لم يكن الملايين في حياته؛ قس على ذلك ترشيحات تيك توك، وإعادة التغريد في تويتر ومقترحات سناب شات.

من منا لم يسمع بالمقولة الشهيرة “لا تحكم على الكتاب من عنوانه” الموجودة في العديد من اللغات والثقافات والتي من وجهة نظري ليست صحيحة في كل حال للحكم على الأشخاص الجدد الذين نقابلهم.

بالرغم من أن انطباع الإنسان عن غيره يتأثر بوجهات نظره الشخصية وحالته العقلية وغير ذلك إلّا أن الانطباع الأولي عن شخصك يتأثر بشكل أساسي بما تظهره للناس، بل ربما يكون هو ما تريد أن يصل للناس؛ فالكتاب كتابك وأنت من اختار صياغة العنوان بهذا الشكل! ولذلك سيستخدم الناس ما أظهرته من صفات كسلوكيات ومظهر للحكم عليك مبدئيًا، بل وفي كثير من الأحيان -للأسف- لإطلاق حكم قطعي؛ فالناس في كثير من الأحيان “ما لها في وجع الرأس”.

فكر معي في الأحداث والقنوات التالية وتذكر أن جميعها عناوين كتابك والتي سيستخدمها كثير من الناس للحكم عليك، بل وربما خياراتك ومساراتك المستقبلية؛ فالمقابلة الشخصية عنوان كتاب، صفحتك في تويتر عنوان كتاب، أسلوبك في الحديث عنوان كتاب وهلم جرًا.

لست في مقام من يبرر الحكم الخاطئ، ولكن في كثير من الأحيان ستستخدم عنوان الكتاب لتحكم على محتواه وعن مدى اهتمامك بقراءته، بل ولتحديد مداه ومجالاته خاصة إذا ما كان وقتك ضيقًا ولديك قائمة طويلة من الكتب. ولذلك أيها الكاتب، اهتم لغلاف كتابك.

كنتُ قد كتبت غير مرة عن نواحٍ مختلفة تتعلق بتشكيل الصورة النمطية حول ذات الإنسان -في مدونتي- بل وذكرت أمثلة على ذلك من مقابلات وظيفية كان من أهم نقاشاتها محتوى المتقدم على الوظيفة في وسائل التواصل، ولعل المقام هنا مناسبًا للدعوة للقراءة عن مفهوم كثير منّا ينفذه، ولكن بشكل تسيطر العشوائية عليه، وهو “العلامات التجارية الشخصية” (Personal Branding). والذي يعبر ببساطة عن الصورة النمطية المتشكلة عن الأشخاص كعلامات شخصية، كما هو الحال مع العلامات التجارية التي تعرفها، فتلك تحبها والأخرى لا تثق فيها وعلى ذلك قِس.

لعلي أختم هذه التدوينة بقصة شهيرة، تقول القصة أن أحد الأشخاص شاهد منامًا فطلب من يفسره فجيء به وقال له المفسر أن أهله سيموتون كلهم قبله فغضب صاحب الرؤيا وطرد المعبر وطلب غيره الذي قال أبشر فأنت أطول أهلك عمرًا ففرح وأكرمه. المغزى من القصة: تستطيع صياغة فكرة واحدة كعنوان للكتاب بأكثر من طريقة؛ بعضها عليك وبعضها لك.

وأخيرًا من حَسّنَ الكتابة حَسُنت له القراءة!

09-10-1444 هـ

Twit: @AGhizzi7

3 رأي حول “بل سأحكم على الكتاب من عنوانه!

  1. anis

    أليست المقولة معكوسة من حسّن القراءة حسنت له الكتابة

    • معك حق ولكن سياق ما تفضلت به متعلق في جودة الكتابة الفعلية بينما ما في المقال مجاز يراد به أن الإنسان هو من يشكل وجهات النظر حول نفسه بتصرفاته وعليه أن يراعي ذلك.

  2. الماريسي

    “من حسن القراءة حسنت كتابته”، لان القراءة مصدر الكلمات و العبارات و الأساليب.

التعليقات مغلقة.