في زمننا هذا، يندر أن يحصل المرء على وظيفة بدون مقابلة وظيفية؛ والمقابلات الوظيفية- بطبيعة الحال- دائمة التطور من حيث الأسلوب والأدوات. سيتحدث هذا المقال عن طريقة شاعت في العقد الأخير لإجراء المقابلات، وهي طريقة الموقف وردة الفعل ٍ Situation & Behavior بتقنية تسمى تقنية “ستار” (STAR).

وطريقة الموقف وردة الفعل تنفذ بطرح سؤال على المتقدم للوظيفة عن موقف محدد بتفاصيل معينة، ومتوقع من المتقدم أن يقوم بالإجابة بشكل يوضح ردة فعله واستقباله للموقف وكيف تعامل معه وما الذي استفاد منه، وبناء على ذلك يتم تقييمه، وتتصف الأسئلة بأنها مبتكرة، وغير محدودة ولا يمكن وضعها في نطاق محدد حتى ولو كانت وجهت لخريج جديد! فكل الأسئلة قابلة للتكيف مع نوعية المتقدم للوظيفة؛ ما يجعل التحضير المسبق متعذر!

ومن الأمثلة على هذه الأسئلة:

1- أذكر موقفًا قمت فيه بإقناع أو تشجيع شخص ليعمل بصورة أفضل مع الفريق؟

2- أذكر موقفًا قمت فيه بدعم ومساندة قرار لم يحض بمساندة الكثير؟

3- أذكر مثالًا عن عمل جماعي جعل منك شخصًا يهتم للفروقات والاختلافات في الشخصيات والثقافات؟

4- اضرب مثالًا على إنجاز قمت به نتيجة لشبكة العلاقات الشخصية التي تمتلكها؟

* خذ في الاعتبار أن أغلب هذه الأسئلة قد يتبعها أسئلة أخرى للاستزادة.

للتعامل مع هذا النوع من الأسئلة ينصح باستخدام طريقة (STAR) لتتمكن من الإجابة بالشكل الأمثل. وترمز أحرف STAR إلى (Situation, Task, Action, Result)، والتي سيتناولها هذا المقال بشيء من التفصيل مع إضافات متواضعة من أخيكم لتوضيح كيفية توظيف هذه الطريقة بشكل يساعد على توضيح نقاط القوة لديك، وإخفاء نقاط الضعف -إن وجدت- بالشكل الملائم.

كيف تستخدم طريقة STAR))؟

أولًا: أثناء السؤال حضر بشكل سريع موقفًا لامعًا خرجت منه بنتائج جيدة على 3 محاور:

١- أنت: مثل (رضاك عن نفسك، تغييرك لحياة شخص، إنجازك للعمل بجهد أقل، اكتشاف طريقة لإنجاز العمل بشكل أفضل أو أسرع.. إلخ)

٢- الزملاء: (هل غيرت في سلوكهم؟ هل ساعدتهم على تعلم شيء جديد؟ هل طورت مهاراتهم؟ هل ساعدتهم على تجاوز عقبة ما؟)

٣- المنظمة: الأثر الإيجابي على مستوى المنظمة مثل (تقليل التكاليف، تحسين الأداء، إحداث تأثير على السلوك داخل المنظمة، مساعدة المنظمة على القيام بأدوارها تجاه أصحاب المصلحة (المجتمع، المساهمين.. إلخ).

* هناك محور رابع ولكنه غير شائع في الدول العربية -للأسف- وهو المحور المتعلق بأثر المنظمة على المجتمع والدولة التي تمارس أعمالها فيهما. يغفل الكثير- للأسف- عن ذكر أهمية الأثر الاجتماعي لما يقومون به، فما قيمة أي جهد بشري إن لم يكن فيه فائدة للغير!

ثانيًا- الموقف (Situation): وهنا تقوم بذكر موقف بشكل عام بدون الدخول بالتفاصيل غير الضرورية.

ثالثًا- المهمة (Task):

وهنا تذكر ماهية وظيفتك وما دورك وماذا كان مطلوبًا منك في هذا الموقف.

رابعًا- الفعل (Action):

وهنا تذكر ما الذي فعلته بالضبط، وعليك هنا أن تركز على الإنجاز الشخصي لا الإنجاز الجماعي؛ ولذلك تجنب قول عبارات مثل قمنا بفعل كذا وما شابهها واستعض عن ذلك بالتحدث عن نفسك وبلسانك.

خامسًا- النتيجة (Result):

وهنا تذكر ما الذي تعلمته أو استفدته من هذا الموقف، سواء على الصعيد الشخصي أو على صعيد المنظمة، كأن تعتمد المنظمة طريقتك التي توصلت لها لإنجاز عمل ما.

ولعل من المناسب استخدام السؤال الأول لتقديم مثال على الإجابة، بالشكل التالي:

– الموقف: كان لدينا فريق عمل يتكون من أعضاء من جميع أقسام الشركة وذلك بغرض متابعة تقدم العمل في مشروع تطوير لائحة الإجراءات الداخلية، ومثلت قسمي، ولاحظت خلال العمل أن زميلي من قسم المالية لم يكن مهتمًا بأعمال واجتماعات اللجنة؛ ما عطل العمل بشكل جزئي.

– المهمة: كانت مهمتي داخل هذا الفريق أن أعكس وجهة نظر زملائي في القسم بالشكل الذي يسهم في إظهار لائحة جديدة مناسبة لنا (وهنا أحذر من ذكر نقاط سلبية عن اللائحة القديمة أو غيرها فقد تكون مدخلًا لاستدراجك لقول شيء سلبي ما سيعكس صورة سلبية عنك قطعاً)

– الفعل: بعد أحد الاجتماعات عرضت على زميلي أن نتناول القهوة في مكتبي، ووجهت الحديث لأعمال اللجنة فوضح زميلي أنه يحضر مجبرًا كأداء للواجب لأن مديره كلفه بهذا العمل رغم انشغاله بأعمال كثيرة، وهنا عرضت على زميلي مساعدته بتوفير ملخص شفوي للاجتماعات السابقة وبعد تقديمه قمت بتوضيح مزايا تطوير اللائحة.

– النتيجة: أثر ذلك إيجابًا على زميلي وأصبح يساهم بفعالية في أعمال اللجنة وتعلمت من هذا الموقف أهمية توفر الرغبة والدافعية بل والتفرغ لدى المرؤوسين لأداء عمل ما؛ لأتجنب إيقاع أحد المرؤوسين بمثل هذا الموقف لاحقًا. تعلمت أيضًا أهمية مراعاة ظروف الزملاء والبحث عن أسباب عدم مساهمتهم في العمل، فقد يكون السبب من داخل الشركة ويمكن التعامل معه.

عبدالله الغزي

25-03-1441هـ

*تفضل مشكورًا جارالله الغزي (@jarallahghizzi) بتحرير هذه المقالة بعد تحويلها من سلسلة تغريدات في تويتر.