منتجات نمط الحياة.. كيف تقنعك Apple بشراء جديدها؟

قياسي

في عام ٢٠٠٧ تم إجراء تجربة على مجموعة من الأشخاص بتقديم المشروبات الغازية لهم مرتين؛ كانت الأولى بتقديم مجموعة منها مع إخفاء العلامات التجارية وتركت لهم الفرصة ليتذوقوها ثم يختاروا ما يعجبهم منها، وكانت النتيجة إعجاب معظمهم بطعم”Pepsi”  بل وتفضيله على “Coca Cola” وبعد ذلك كررت التجربة ولكن مع إظهار العلامات التجارية، وهنا حدثت المفاجأة، فمعظم من فضلوا “Pepsi” اختاروا هذه المرة “Coca Cola” وهو أمر يعكس أهمية الصورة النمطية للعلامة التجارية وللمنتجات التي تحمل هذه العلامة، بل ويتعدى ذلك إلى كيفية جعل منتجك منتج يمنح العميل الشعور بأنه يفعل الشيء الصحيح وأنه إنسان ذكي، عصري، ليصل بالنهاية إلى الولاء المطلق كما في حالة “Apple” وشريحة كبيرة من عملائها الذين لديهم استعداد لشراء أي منتج يحمل شعار التفاحة.

في إحدى الرحلات البرية تجاذبنا أطراف الحديث مع بعض الأصدقاء حول التغيرات في سوق المطاعم بالسعودية وكيف أن دخول الكثير من المطاعم الصغيرة والمتخصصة بأصناف معينة غير قوانين اللعب بل وقلب المعادلة، إلا أن بعض المطاعم لم تتأثر بشكل كبير ليبدأ الحديث حول أسباب عدم تأثرها بشكل كبير كما هو حالة معظم القدماء في السوق، وكان من أبرز الأمثلة على ذلك المطاعم التي تحمل شعار “McDonalds”، وتعددت المحاولات لتحديد ومعرفة السبب الحقيقي، وكان رأيي المتواضع في هذا الأمر أن هذه العلامة دائمًا ما تسعى لجعل الحصول على منتجاتها أمر من ضروريات الحياة العصرية، بل وتعديت ذلك وسميتها (منتجات نمط الحياة- Life Style Products) وهي تلك المنتجات التي يحصل عليها المستهلك لأنه يرغب بمواكبة الناس، وللظهور بمظهر الإنسان العصري؛ الإنسان الذي يحصل على المنتجات التي تمنحه درجة إشباع عالية، درجة إشباع للذات لا للبطن، ولشرح ما هي أهمية جعل منتجاتك (منتجات مرتبطة بنمط الحياة العصرية) وما هي الطرق المتبعة للوصول لهذا المستوى اكتب لكم هذه التدوينة.

 

ما الفائدة المحصلة من منح منتجاتك صبغة (منتجات نمط الحياة)؟

تتعدد الفوائد وتختلف باختلاف طبيعة المنتج وفئات العملاء المستهدفة وغير ذلك ولكن لهذا الأمر 4 فوائد أساسية وهي:

أولًادرجة الولاء العالية: إن معظم عملاء “منتجات نمط الحياة” لديهم درجات عالية من الولاء، بل ولديهم الرغبة على خوض حتى تلك النقاشات “الجدلية” التي لا تنتهي لإثبات أن ما يمتلكونه هو الأفضل كما هو الحال مع بعض المنتجات التقنية (Apple-Samsung) على سبيل المثال.

ثانيًاقدرة أعلى على مواجهة تقلبات السوق: تمر معظم الأسواق بموجات ركود وهو أمر طبيعي يحدث كل فترة (وأنصحك بالبحث عن ما يسمى بدورة الأعمال)، وفي هذا الوضع تضمن الشركات جزء من المبيعات نظرًا لارتباط منتجاتها بالعملاء بدرجة أعلى من منافسيها.

ثالثًاضمان حجم مبيعات عالي: كم تعرف من الأشخاص ممن حولك يقوم بعملية شراء المنتجات الجديدة لشركة أ في كل مرة؟ كما هو الحال مع سيارات شركة مرسيدس والأمر نفسه مع منتجات شركة ابل.

رابعًاعدم الزهد في منتجك: تتخذ بعض المشاريع طرق تسعير تقوم على أساس الأسعار المنخفضة وفي هذه الحالة تبرز مشكلة متعلقة بسيكولوجية العملاء، فالكثير من العملاء لديهم ربط قوي بين السعر المرتفع والجودة ومنه قول العامة “الرخيص مخيس” وفي حالة إعطاء منتجاتك صبغة منتجات نمط الحياة فلن يزهد العميل بها لانخفاض سعرها بل سيكون السعر المنخفض مع الجودة المرتفعة أحد أسباب حصوله على منتجاتك، كما هو الحال مع مطاعم البيك.

 

وبعد سرد أهم الفوائد -بالنسبة لي-، يأتي ذكر كيفية جعل ما تنتجه (منتجات نمط الحياة- Life Style Products)، وهذا الأمر لن يتم أبدًا بدون استخدام التسويق مع ضرورة تحقيق التكامل بينه وبين العملية الإنتاجية وعملية الحصول على العناصر البشرية المتميزة والمحافظة عليها ومن أهم النقاط التي ينبغي العمل عليها لجعل منتجاتك ضمن مجموعة منتجات نمط الحياة ما يلي:

  • تعزيز الصورة النمطية للفئة المستهدفة: وفي هذه العملية يتم تقسيم أنماط المستهلكين فيما يتعلق بعاداتهم الشرائية وسلوكياتهم بل ومظاهرهم، ومن ثم تحديد الفئة المستهدفة وتعزيز نمطهم من خلال تكرار استخدام أنماطهم في الإعلانات من حيث المظهر الخارجي للممثلين كاللباس وقصة الشعر بل ويتعدى لنبرات الصوت واللهجات المستخدمة؛ وبعد ذلك يكون لدى هذه الفئة المستهدفة انتماء وتحيز لمنتجاتك لأنها تشعر بوجود ارتباط بينها وبين ما تقدمه أنت، كما في حالة إعلان عبداللطيف جميل لسيارة تويوتا LC70(الشاص السعودي).

 

  • استخدام المؤثرين: نعم، أسلوب قديم، ولكنه دائمًا ما ينجح ولكن ينبغي مراعاة بعض الأمور، فليس من المنطقي استخدام ناشط في مجال الطبخ كمؤثر لمنتج تقني، فالعملية هنا تشوبها بعض الشوائب؛ لضعف وجود الفئة المستهدفة، ولضعف درجة المصداقية وغير ذلك، ولذا فالأفضل استخدام مبدأ التأطير، وفيه يتم تأطير الفئة المستهدفة ونمذجتها للوصول إلى الأشخاص المؤثرين الذين يظهرون بمظهر القدوة في المجال المستهدف ومن ثم استخدامهم في الإعلانات كمستخدمين أثناء الإعلانات وحتى في حياتهم العامة لتظهر المنتجات بمظهر المنتجات التي يرغب بها ويحصل عليها القدوات كاستخدام اللاعب كريستاينو رونالدو لترويج حذاء رياضي.

 

  • التركيز على الجودة: يقال أن تعريف الجودة هو ما يقول العميل أنه جيد ولكن يمكن التركيز على جودة منتجاتك كإحدى الطرق التي يمكن أن تساعدك لجعل منتجاتك “منتجات نمط الحياة” وذلك ليس في عمليات الإنتاج والبيع فحسب، بل يجب ذكر ذلك حتى في الإعلانات كما تفعل غالبية الشركات التقنية خاصة تلك التي تعمل في الهواتف الذكية.

 

  • التأكيد على الموثوقية: والموثوقية هنا ليست في الأمان فقط، بل وحتى في منح العميل الثقة بأن قراره الشرائي قرار صحيح وأنه دائمًا يحصل على الأفضل، وغالبًا ما تعمل الشركات على هذه النقطة من خلال الإعلانات التعزيزية كما في إعلانات كوكاكولا المتكررة لمنتج مبيعاته مضمونة.

 

  • التفرد: وهنا لابد أن يشعر العميل بتفرده وتميزه سواء بحصوله على المنتج النادر أو بحصوله على مميزات حصرية من خلال هذا المنتج، وهو أمر محبذ لجعل المنتج يبدو كمنتج نمط حياة، ولو كان هذا التفرد نوع من أنواع الاحتكار، كما في حالة بعض الشركات التي تحتكر تقنية معينة كتقنية شاشة ريتينا وشركة ابل.

 

  • الاعتمادية: لن تستطيع أن تخلق ولاء لدى أي عميل إن لم يرى أنه يمكنه الاعتماد عليك لتوفير ما يكفيه من الإشباع لرغباته بالشكل والوقت المناسبين، وهذا يشمل بالتأكيد خدمات ما بعد البيع؛ فالعميل الذي لا يعتمد عليك، لن يقوم بشراء أي شيء مما تنتجه، وإن اشتراه، لن يعاود الكرة مرة أخرى ولعل عبء هذه العملية يقع على وظيفتين من وظائف المنظمة وهما التسويق والإنتاج.

 

 

وبعد ذلك.. ممن حولك، كم من الأشخاص يقتنون بعض المنتجات لأنها تمنحهم صورة نمطية معينة مع عدم وجود حاجة حقيقية لها، كمن يشتري ساعة غوص وهو لا يجيد السباحة !

 

 

هـ1439-08-21