توم توم.. وثنائية النجاح (التسويق + الجودة)

قياسي

“إن تكرار العميل للزيارة مرة بعد أخرى دليل على ثبات مستوى الأداء”

اكتب هذا المقال بعد تناولي لوجبة من مطعم بدأت بتناول وجباته قبل 12 سنة، الغريب أن هذا المطعم حافظ على نفس الطعم ونفس طريقة الإعداد منذ 12 سنة، وهو ما يجعلني أكرر الزيارة له مرة تلو الأخرى ليقيني بأنني سأحصل على نفس النكهة كل مرة.

هذا المطعم ليس معروفًا للجميع.. وهذا يجعلني أقول أن جودته العالية ليست مجدية بدون تسويق فعال.

وفي هذا الوضع فإن سلسلة مطاعم “توم توم” لم تحقق ثنائية نجاح الأعمال الشهيرة، “الجودة + التسويق” وعلى ذلك فإن السلسلة خسرت وتخسر العديد من الفرص الكثيرة، بل إن من المنافسين لها من خرجوا بعدها وتجاوزوها رغم أن إمكانياتهم أقل منها.

ومن منافسين توم توم سلسلة كودو وكنتاكي وهارديز، كودو عملت على الجودة والتسويق فتجاوزت توم توم، بينما هارديز وكنتاكي -رغم أنهما بنظام الإمتياز التجاري- إلا أن مستوى جودة ما يقدمانه أقل من مستوى الجودة لدى توم توم ورغم ذلك تجاوزاه نتيجة لإدراك إدارتهما بأهمية التسويق وأنه يغطي أحيانًا على نواقص الجودة.

لتوضيح أكثر لثنائية النجاح سأستعرض نموذجي أعمال من قطاع مختلف، من قطاع التقنية، فمعلوم أن للهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية الذكية قطبين، سامسونج وأبل، الأولى تتفوق على الثانية بالمحصلات النهائية رغم أن جودة منتجاتها ودرجة الإتقان فيها أقل من ما تقدمه الثانية بدرجة كبيرة، والسبب بسيط؛ فسامسونج وفرت مستوى جودة ملائم (ليس الأفضل) وقامت بالتسويق القوي لمنتجاتها سواء بأسلوب التسويق الغير مباشر كإضافة مزايا تسويقية للمنتج كمستشعرات الحركة التي لا يستعملها إلا قليل من المستخدمين، أو بأسلوب التسويق المباشر بالإعلانات وغير ذلك.

ليس سرًا إن قلت إن إنفاق سامسونج على التسويق لعام 2013 سيبلغ 13 مليار دولار -ما يقارب 49 مليار ريال سعودي- وهذا الرقم يعادل قيمة عشرات بل مئات الشركات الموجودة في أسواقنا المحلية.

من الناحية الأخرى شركة أبل قدمت منتجات تتميز بالجودة العالية والإتقان بل إن جودة منتجاتها تتجاوز ما يطلبه العميل، (هنا نذكر بتعريف الجودة الشهير: “الجودة هي ملاءمة المنتج لاستخدام العميل” وهو يعني أن المنتج يحقق احتياجات العميل بالضبط) وهذه فلسفة الشركة. وكما أسلفت فإن مبيعات سامسونج أكبر كميًا وقيميًا من مبيعات أبل نتيجة لإدراك سامسونج لأهمية التسويق وأنه يغطي على النقص في مستوى الجودة.

إن الجودة مهمة، لكن التسويق أهم، أنا لا أتحدث بشكل أخلاقي، أتحدث بأخلاق الأعمال فعالم الأعمال يهتم بالمحصلات النهائية من إيرادات وصافي أرباح وتكاليف، نعم إن الجودة ستجعل العميل يعاود الشراء مرات عدة، لكن التسويق سيجلب ثلاثة عملاء بالإضافة للإحتفاظ بهذا العميل.