كيف تدمر سمعة 15 سنة في 15 دقيقة؟

قياسي
  1. * ملاحظة: إن لم تكن مهتمًا بقراءة القصة التي جعلتني أكتب هذا المقال انتقل إلى المقطع الثاني مباشرةً…

في أحد الأيام الماضية ذهبت برفقة والدتي للتبضع من أحد متاجر مستلزمات أسرةُ النومِ (المفارش وما يتبعها) وتم الشراء، وبعد العودة للمنزل وعند محاولة غسل ما ابتعناه اتضح وجود عيب مصنعي؛ وبالرغم من أن عملية الغسيل تمت وفقًا لتعليمات المصنع الموضحة على المنتج (مفرش) إلا أن الألوان التي صبغ بها قد تناثرت وتداخلت على بعضها، أي ما  الأمر الذي دعا الوالدة -أطال الله بعمرها مع حسن عملها- لإيقاف الغسيل، لانتقل أنا إلى العناء؛ فقد عرفت أن كل موظفي المحل لا يعرفون الطريقة الصحيحة للتنظيف والتي وضحها المُصنع على المنتج؛ فتارة قالوا أنه يجب أن يغسل بالبخار مستشهدين بالعلامة () -وهي درجة حرارة الماء الموصى بها للغسيل- وتارة يستشهدون بعلامة عدم استخدام المجفف () على أنها تعني عدم استخدام الغسالة، وكل ذلك قد يقبل، ولكن ما لا يمكن قبوله أن مدير متجر يدير عددًا من الموظفين وبضاعة يفوق ثمنها مليون ريالًا، لا صلاحية لديه في استرجاع أو استبدال منتج به عيوب مصنعية؛ ولذا -وكأن الشركة تدار بعقلية من سنة 1900 للميلاد-  فقد تواصل مع مدير المبيعات في الشركة المالكة للمتجر ليطلب منه التوجيه، وهنا “اكتمل العقد” فمدير المبيعات يجهل الكثير من أعمال الشركة؛ فعلى سبيل المثال عند محاولته لأن يتباهى بحجم الأعمال قال أنهم يجلبون سنويًا من نفس المنتج حوالي 49000 “قطعة”؛ ليَصعقَ مدير المحل وأنا صعقة لا تنسى! فبحسب البائعين فكل ما يبيعونه من جميع الأصناف -بما فيها الصنف الذي ابتعته- لا يتعدى 15000 قطعة سنويًا، وإضافة لجهل مدير مبيعات الشركة في أنظمة وزارة التجارة التي تمنحني الحق في استرجاع المنتج للعيوب المصنعية، فقد تجاوز ذلك بقوله أنه في حالة رغبتي باسترجاع المنتج فإن البائع المباشر سيتحمل ثمنه؛ لأنه -حسب زعمه- قد قصر في عمله فهو لم يوضح لي تعليمات التنظيف وما يجب القيام به وما لا يجب، والتي وضحها له مدير المبيعات من قبل، لأباغتهُ بطلب معرفة تلك التعليمات فتلعثم وقال أنه لا يعرفها! وأن البائع هو من يعرفها؛ ورغم التناقض الواضح إلا أني تجاوزت ذلك بسؤالي عمّا إذا كانت تلك التعليمات تختلف عن تلك الموضحة على المنتج ليجيبني بأنها لا تختلف؛ لأكرر أني التزمت بها حرفيًا، ولكنه عيب مصنعي… وبعد جهد جهيد انتهى الأمر باسترجاع الثمن.

 

بعد ذلك، عرفتُ كيف للمسؤول أن يدمر السمعة التي عملت الشركة على بنائها ما يزيد عن 15 سنة خلال 15 دقيقة مع خسارة عميل للأبد وذلك إذا ما حدثت الأمور التالية أو جزء منها:

الأول:- مدير المتجر لا صلاحيات له تذكر -رغم أنه يعمل في الشركة منذ تأسيسها- فهو لا يستطيع أن يسترجع منتجًا فيه عيب مصنعي ولذا فهو مضطر في هذه الحالة لأخذ صور للمنتج وطلب التوجيه من “مدير المبيعات” ولاحظ أني قلت التوجيه وليس الرأي أو المشورة. لذا فلا يمكن أن يثق العميل بمنظمة لا تثق بموظفيها.

الثاني:- لا يعرف كل العاملين في المتجر أي شيء عن العلامات التي توضح طريقة التنظيف والتعامل مع المنتج، بل قالوا أنهم عرفوا مني أنه يمكن غسلها بالماء؛ فالتعليمات التي لديهم تقول أن التنظيف بالبخار فقط. وكيف لي كعميل أن أثق بشركة لا تعرف التعامل الصحيح مع منتجاتها رغم أن المصنع قد أضافها على كل منتج؟

الثالث:- حاول كمدير للمبيعات أن لا تستخدم الجوانب العاطفية المرتبطة بأمر سيء حول أحد الموظفين لتقنع العميل بشيء ما، كمحاولة إقناعه باستبدال المنتج بآخر مثله، أو أن يتحمل البائع المباشر ثمن المنتج. ففي حالتي ورغم أني قد أوضحت له أنها حيلة قديمة وأنه لا خطأ من البائع ولا مني ولذا فيجب أن تتحملها الشركة وإلا فإني لن اتعامل مع شركة لا رغبة لديها في أن تتحمل خطأها لترضي عميلها!

الرابع:- ساءني كعميل أن أشاهد الموظفين يتدافعون مهمة التواصل مع مدير المبيعات؛ فبحسبهم هو شخص لا يثق بأحد ولديه قدرات عالية في استخدام الألفاظ القاسية حتى أن أحدهم اقسم أنه لن يحدثه مهما كان الأمر! وهنا مشكلة كبيرة، فالعميل يجب أن لا يرى المشاكل الداخلية بل يجب أن يرى كل شيء جميل حول المنظمة حتى في علاقات منسوبيها ببعضهم البعض، فكيف لعميل أن يحترم منظمة قد “نُشر غسيلها” أمامه؟

 

هـ1439-08-28

رأيان حول “كيف تدمر سمعة 15 سنة في 15 دقيقة؟

  1. لبنى

    شيء محزن و مخجل صراحه. اواجه كثير في الشركات المحلية عدم الاحترام و إحترافية الرد على العميل. دامهم شدو حيلهم و انهو الجزء الأصعب و هو بناء الشركه الحين كل الي يحتاجونه علاقة العملاء لأنهم لو ما نموها و اعطونا حقها راح كل شي و يسهل على المنافسين دخول السوق.

    • صحيح يا لبنى، ولكن الأمر الذي يفوت هؤلاء أن الإبقاء على العميل الحالي أكثر أهمية وأكثر سهولة من الحصول على عميل جديد،، ولذلك فهم لا يهتمون بالعملاء الحاليين ومن ثم يحدث ما ذكرتيه،، يدخل المنافسون ففي السوق ثغرة كبيرة.
      ومن الأمثلة على ذلك مايسترو بيتزا ومطاعم البيتزا الأخرى، فقد وجد المستثمرون في مايسترو بيتزا أن العملاء يشتكون من سوء الخدمة وارتفاع الأسعار .. إلخ. فدخلوا إلى السوق دخول المنافس الشرس الذي لم يرحم أي أحد من السابقين.

التعليقات مغلقة.