دراسة السوق من خلال كيس الصامولي وغسيل الثياب المستعجل

قياسي

يخطط صديقي محمد لشراء شقة سكنية وبينما كنا نتحاور حول هذه الخطط بدأنا بالتحدث عن نوعية السكان في الأحياء و”الحواري” المقترحة وأهمية نوعيتهم وما إلى ذلك بما يضمن تجنب الوقوع مع جيران يثيرون المشاكل..إلخ، وعندها اقترحت على صديقي أن يذهب في يومِ أو يومين من أيام وسط الأسبوع (أيام العمل) في فترة ما بين الساعة ٩-١١ مساءً لأقرب مغسلة ملابس للسكن المنشود ليشاهد نوعية السكان بعينه، فمن المغاسل تستطيع أن تشكل تصور سريع وأولي عن عدد العزاب، ومسقط رأس السكان، والمستوى الاجتماعي، بل والقدرة المالية، وغير ذلك من الأمور.

وبحكم اهتمامي وعملي بدراسات السوق والجدوى أجد أنّي دائمًا أميل للمؤشرات التي يمكن قياسها بالنظر والملاحظة البسيطة بدون أن تستغرق جهدًا كبيرًا وكذلك فهي ليست ذات تكلفة عالية، كما أنها مؤشر جيد لتقرير البدء في دراسة الجدوى أو صرف النظر عن المشروع بأكمله، ومن الحيل المستخدمة في هذا الأمر والتي اتحدث عنها لأول مرة، شيءٌ اسميه مبدأ “كيس الصامولي“، ولا عجب، فحجم الطلب من العائلات على كيس الصامولي في أيام الدراسة يعطي تصور أولي تجاه العدد المتواجد في المنطقة من الطلاب في سن الدراسة وكذلك يمكن أن يقدم لي نظرة أولية لقياس مستوى الدخل والمعيشة من خلال النظر إلى المركبات التي تأتي لتبتاع كيس الصامولي من المخبز أو البقالة، وغير ذلك من الأمور التي تعطي تصورًا يساعد على اتخاذ قرار بالبدء في مشروع يتعلق بالطلاب، كالقرطاسية مثلًا.

وجدير بالذكر -يا من يريد أن يبدأ بمشروع- أن من يعطي جزءً من وقته لملاحظة ما حوله سيصل إلى نتائج مبهرة، بل وسيسبق الكثير ممن حوله بالأفكار والخبرات وقبل هذا بفهم حركة السوق والناس داخله، ولعل هذه النقطة تذكرني بمعلومة غريبة قالها أحد رواد الأعمال -نسيت اسمه- في مقابلة ما، يقول رائد الأعمال هذا أنه يمكن معرفة حالة السوق وإمكانية دخولك في أي مشروع فيه من خلال قياس سوق تأجير السيارات، فإن كان مزدهرًا فالمنطقة في تطور وستقبل على خير -بإذن الله-، أما إن كان السوق ضعيفًا فالمنطقة غير مشجعة، وقد فكرت مليًا بكلامه وخلصت إلى عدة أمور يمكن قياسها من خلال ملاحظة سوق تأجير السيارات، فهذا السوق يقدم لك نظرة أولية حول مستوى دخل المجتمع(نوعية السيارات المستأجرة)، وهل من حاجة للمزيد من مراكز إصلاح السيارات؟ (حجم تعطل السيارات)، مستوى وحجم السياحة والعمل في السوق؟ (السائح ومن يأتي لعمل يستأجران من المطار غالبًا)، وبالتأكيد ينبغي أن يوضع مبدأ النسبة والتناسب بالحسبان عند القياس، فليس من المعقول أن تقارن سوق التأجير في محافظة سكانها ٥٠ ألف بمدينة سكانها ٤ مليون، إلا من خلال العمل بالنسبة والتناسب.

وقد دعا الله الإنسان للتأمل في كل ما حوله كالمخلوقات الأخرى وبل وفي نفسه. لذلك فالإنسان عليه أن يُعمِّل التأمل والتفكر في كل شيء على أن يضع في باله أن المعلومات التي يستطيع الجميع الوصول لها فائدتها قليلة، ولكن المعلومات التي تقدم أفكارًا فريدة وتأتي بطرق ابتكارية هي التي ستمكنك من منافسة السوق بل هي الميزة التنافسية الأعظم !

لذلك تجد أنه يوجد مشاريع استثمر فيها ملايين الدولارات فقط لتجميع البيانات ومن ثم إعادة بيعها كمعلومات مثل تلك الشركة البريطانية التي تجمع البيانات عن المتوفين وثرواتهم وورثتهم لتعيد بيع المعلومات المتعلقة بالأثرياء للبنوك وشركات إدارة الأموال.

هـ1440-01-13

Twitter: @Aghizzi7