في مقال سابق عنوانه “يا معشر المصممين والمبرمجين.. لا تحسبوا التكاليف !” تطرقت لأحد طرق التسعير المهمة وهي طريقة التسعير بالقيمة، تنطلق هذه الطريقة من خلال التسعير بالاعتماد على المنافع التي يحصل عليها من يقوم بشراء ما تنتجه، كالذي يحصل عليه من يشتري على أداة تساعد على توفير الكهرباء بنسبة ٤٠٪ مثلًا، فالتسعير هنا ينبغي ألّا يكون بالاعتماد على التكلفة وهامش ربح فحسب، بل ينبغي أن توضع قيمة المنتج بالنسبة للعميل (المنفعة المتحققة له) في الحسبان عند وضع السعر.
وهذا المقال موجه وبشكل أساسي لكل مبتدئ في عالم الأعمال وبالتحديد أولئك الذين في بداية حياتهم التجارية؛ كشخص مبتدئ في التجارة قد تجد بعض الصعوبات في تحديد أسعار ما تبيعه من منتجات أو خدمات؛ ولذلك فسيعالج المقال هذه المسألة باختصار ليقدم تصور كافٍ بإذن الله حول أبرز ٣ أساليب تسعير متبعة والتي يمكن أن تستخدم مع الخدمات أو المنتجات. (مع التحفظ على كلمة منتجات فالخدمات تنتج أيضًا؛ ولذا فكلمة المنتجات في باقي المقالة تعني الخدمات والسلع).
أولًا- التسعير بالقيمة: وتمت تغطيته في نفس المقال السابق.
ثانيًا- أسعار السوق: وتعتبر من أقل الطرق من حيث الجهد والتكلفة كما أنها هي الطريقة التي تستخدم غالبًا في المشاريع التي لا تتسم بالتقادم التقني وتلك التي لا تنطوي على أي نوع من التقنيات الصناعية المتقدمة، وفي هذه الطريقة يتم تسعير المنتجات أو الخدمات بإيجاد متوسط أسعار السوق -سواء الهندسي أو الحسابي – ومن ثم التسعير بالمقارنة به.
ثالثًا- التسعير بالتكلفة: ويطلق عليه (التكلفة+) وهي الطريقة الأبسط والأسرع ولكنها غير صالحة للمشاريع التقنية أو المنتجات والخدمات التي تتصف بوجود ميزات تنافسية وخصائص منفردة، وفيها يتم تثبيت هامش ربح كنسبة معينة وبعد احتساب التكلفة تسعر المنتجات بإضافة هامش الربح على تكلفتها.
ويوجد الكثير من طرق التسعير غير المذكورة أعلاه وهي في الغالب تستخدم لتحقيق أهداف معينة، كأسلوب اختراق السوق والتسعير الخاسر وهو تسعير يباع فيه المنتج بسعر قريب جدًا من تكلفته(بسعر لا يمكن لأحد يبيع بمثله) أو بسعر التكلفة أو بأقل منها وذلك لرفع حجم الحصة السوقية ويمكن أن يستخدم لإخراج بعض المنافسين من السوق مثلما فعلت إحدى شركات الألبان في السعودية.
وبعد ذلك يجب الإشارة إلى وجود بعض الأمور التي ينبغي أن تضعها في الحسبان قبل عملية التسعير ومن أهمها:
1- نقطة التعادل: النقطة التي تغطى عندها جميع التكاليف الثابتة وتختلف سرعة الوصول لها باختلاف سعر البيع.
2- المخاطرة: ينبغي أن توضع مخاطرة العمل بمنتج ما في الحسبان عند القيام بتسعيره، كما هو الحال مع المنتجات ذات الطلب الموسمي والأخرى التي تتصف بسرعة التلف وتلك التي يستلزم الحفاظ عليها أو نقلها متطلبات خاصة مثل العطور.
3- الكمية: ينبغي وضع سعر لكل كمية معينة وربطه بشكل يؤثر على إقناع العميل بشراء كمية معينة كعرض قطعة شوكولاتة بوزن ٢٥ جرام بسعر ٢ ريال، وفي نفس الوقت عرض قطعة وزنها ٥٠ جرام بسعر ٣ ريال. ويجب أن تكون هذه المسألة انطلاقًا من أساسين، الأول حاجة العميل والثاني تحقيق أكبر ربحية للمشروع.
4- الجودة: المنتج الجيد يستحق ما يغطي تكلفة هذه الجودة، وللأسف بسبب مجموعة من الأمور ومنها بعض الممارسات الغير أخلاقية في التسويق ففي ذهن الكثير من العملاء فإن السعر المرتفع يعكس الجودة المرتفعة والعكس صحيح.
وأخيرًا: يعتبر التسعير أحد أهم وأخطر عناصر التسويق في نفس الوقت، فللسعر مفعول السحر في إقناع العميل بشراء منتج ما أو صرف النظر عنه، وبالتأكيد سيكون للسعر مفعولٌ أكبر إذا ما تم ربطه بشكل جيد بكل ما حول المنتج، من منافسة وجودة ووضع السوق والاقتصاد وحتى تغليف المنتج! ولذا يجب أن تقرأ عن التسعير بشكل مكثف فهو أمر أكبر من أن يحصر في كتاب فكيف بمقال !
عبدالله الغزي
هـ1440-02-02