يا أهل الموارد البشرية.. “شاهي وبلوت”؟

قياسي

سمع كثير منّا تلك القصة عن ذلك المدير الذي يختبر المتقدمين لوظيفة ما بتقديم كوب من الشاي مع ملعقة وسكر ويحدد صلاحية الموظف للوظيفة بتعامله مع هذا الموقف؛ فإن أضاف شيئًا من السكر قبل تذوق الشاهي خسر الوظيفة ولكن إن تذوق الشاهي قبل فقد حصل على الوظيفة، ولكن هل من عدالة في هذه الطريقة ومثيلاتها؟

قبل مدة التقيت بشخص من الذين يعملون في مجال التوظيف في شركة ما، وأثناء تبادل بعض المعلومات حول مسائل المقابلات الشخصية وعملية تقييم المتقدمين للوظائف، طرح صاحبنا هذا “مؤشرات” يعتبرها بعض مسؤولو التوظيف أدوات ومقاييس توصلهم للحكم النهائي على طالبي الوظائف، كيف لا؟ وصاحبنا هذا يحكم على صلاحية شخص ما لوظيفة ما بواسطة معرفة مدى شغفه وإجادته للعبة ما، كالبلوت مثلًا!

الرجل نفسه، قال لي أنه في الوظائف التي تتطلب تحقيق دخل مالي معين سيوظف شخص أتى من أسرة عدد أفرادها كبير، ولمّا سألته عن السبب من هذا الاختيار، وضح لي أن هذه الشخصية ستكون شخصية تنافسية وستسعى لإثبات تفوقها وتميزها لأن هذا ما نشأ عليه مع والديه، وهنا شبه صاحبنا الموظفين بالأبناء الذين يرغبون بإثبات تميزهم إرضاءً للمديرين (الوالدين). وهنا استزدته عن حالة ذاك الشغوف بـ”البلوت” فقال: إن أي وظيفة تتعلق بالحسابات المالية أو التعامل المباشر مع العملاء لا تصلح لأن تُشغلَ بشخص يعشق هذه اللعبة لأنها تقوم على الخديعة، هكذا قال. والتعليق هنا متروك لك عزيزي القارئ!

ولعل من الإنصاف ذكر أن بعض النتائج التي يخشاها مسؤولو التوظيف ثابتة علميًا كما في حالة تقلب مزاج الموظف المدخن وقيامه بالتدخين في وقت هو ملك للعمل، وأيضًا ربط قابلية الموظف لترك الوظيفة بحالته الاجتماعية وعدد أبنائه؛ فبعض الدراسات تشير إلى أن الموظف صاحب العدد الكبير من الأبناء لن يترك الوظيفة بسهولة والعكس مع الأعزب ولكن المشكلة هنا ليست في زعم مستخدمي هذه المقاييس إلى استنادها على أبحاث وتجارب علمية، بل في عدم مراعاتهم لوجود نسب الخطأ ونوعية العينة المدروسة وبالتأكيد فوارق المجتمعات ولو سُلِمَ للجدل أن كل ما سبق ليس بموجود فالحالات الشاذة -التي لا تنطبق عليها تلك النتائج- موجودة.

 

لعلي أختم بمجموعة تساؤلات عن السبب والمغزى الحقيقيان لاستخدام البعض لمثل هذه الوسائل كأدوات حكم قطعية في حين أنها لا يمكن أن تتعدى كونها مؤشرات مبدئية، أهو لتغطية فشلهم أو جهلهم في استخدام الطرق العلمية والمنطقية؟ أم للاستعراض في قطاع يكثر فيه الاستعراض بلا شيء في كل شيء!؟ أم أنها فعلًا وسائل مجدية؟

 

 

عبدالله الغزي

هـ1440-10-28