دراسة وظيفة منزل زواج.. أأنت متأخر؟

قياسي

إليك هذا المشهد المتكرر: في لحظة ما، تتأمل حالك وما وصلت له، وتقارن ذلك بالأخرين، أقرانك، أقاربك.. إلخ، من منا لم يمر بهذه الحالة؟

لطالما سمعنا مقولة “العمر مجرد رقم”، ولكن من منا يتعامل مع عمره كمجرد رقم؟ من لم يقارن بين عمر صديقه عندما تزوج وعمره، بين سرعة حصول صاحبه على الوظيفة… إلخ تلك المقارنات التي لا تنتهي ولن تنتهي. للأسف الشديد، الدخول بمثل هذه الدوامة شائع ومتكرر. نعم دوامة؛ إذ بمجرد استسلامك لها أول مرة، ستستمر وستحضر لك المزيد والمزيد. فقد تبدأ بالتخرج من الثانوي والتخصص الجامعي، ثم بالمعدل، والتخرج، ثم الوظيفة، فالشهادات العليا أو المهنية، والزواج والأبناء والمنزل والسيارة وكل هذا لأنك سلمت قياد نفسك لها أول مرة!

كمسلم، أنت تؤمن بالقضاء والقدر، وبأن كل ما يحدث لك هو الخيرة وأنك لن تختار خيرًا مما أختاره الله -عز وجل- لك. ولكن، هل نحن حقًا نفعل ذلك؟ المؤمن مأمور بأن ينظر إلى من هو أعلى منه فقط إذا كان الأمر متعلقًا بالأمور الدينية، أما في الدنيا فانظر إلى من هم أقل منك وكفاك بهذا سلوانًا.

عندما يبدأ الإنسان بالمقارنات -بالشكل المذكور أعلاه- فهو يغفل عن أمرين بديهيين وهما نعم الله عليه واختلاف المعطيات أو الظروف. على سبيل المثال، أحد والديك أو كلاهما على قيد الحياة (أطال الله في عمر أحبتنا جميعًا)، في حين فقد صديقك -الذي تنظر له كشخص سبقك وظيفيًا- كلا والديه أو أحدهما. وفي مشهد آخر، تنظر إلى صديقك الذي تزوج كشخص سبقك، ولكنك تغفل أنه أكبر منك عمرًا. ومن ناحية أخرى، حيواتنا ليست نسخًا مطابقة؛ فلا يوجد سن مثالي للزواج، وليس هناك عمر مثالي للحصول على درجة الماجستير، ولكنّا نقع تحت ضغط المقارنة مع الأقران من جهتين، جهة المجتمع الذي يقارن بين الأقران ونفوسنا التي تتعامل مع الحياة كسباق مغفلة أنه قد تنتهي حياة من تزوج أولًا قبل صاحبه الذي تأخر في الزواج!

من وجهة نظري، مثل هذه المقارنات ليست إلّا من منغصات الحياة والتي ينبغي التوقف عنها تمامًا أو في أسوأ الأحوال التقليل منها والانشغال بتحقيق أهدافنا بما يتناسب مع خططنا ومعطياتنا الشخصية، فالحياة -كما أسلفت- ليست سباقًا يفوز فيه من يحقق أهدافه بشكل أسرع، بل من يستمتع بها ويعطي كل مرحلة من مراحلها ما تستحقه تلك المرحلة من اهتمام فكلها ليست إلّا مراحل منتهية، اليوم، غدًا، أو بعد الغد.

 

عبد الله الغزي

7-8-1442هـ

Twit: @AGhizzi7